كتب/ محمد عبد المغني:
خلال الفترات القريبة السابقة، كان المؤيدون للحوثيين في عدد من الدول الأوروبية ينشطون كثيرًا في التنظيم والتظاهر ضمن فعاليات ذات أبعاد سياسية تدعم الحوثيين بشكل غير مباشر، مثل تنظيم احتجاجات تُدين خصوم الحوثيين الإقليميين، لكنها لا تتحرك في إدانة الانتهاكات الحوثية على الاطلاق. كل ذلك دون رقابة تُذكر من قبل السفارات والجاليات والاتحادات الطلابية اليمنية.
اليوم أعلنت النيابة العامة الفيدرالية الألمانية، في ولاية بافاريا عن اعتقال شخص يُشتبه بانتمائه إلى جماعة الحوثي المسلحة، المصنفة منظمة إرهابية. وبحسب التحقيقات الأولية، فقد تلقى المعتقل تدريبات عسكرية وعقائدية في عام 2022، وشارك في القتال مع الحركة الحوثية بمحافظة مأرب عام 2023.
لم تذكر السلطات تفاصيل أكثر، لكن يبدو أن المعطيات تشير إلى أن هذا المشتبه به دخل ألمانيا وقدم طلب لجوء، كما فعل العديد من المنتمين أو المؤيدين للحوثيين الذين انتشروا في دول الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع الحرب، بل وحتى قبلها.
المفارقة المؤلمة أن بعض المؤيدين للحوثي في مختلف الدول الأوروبية يمكن أن تجدهم داخل الجاليات اليمنية، بل وحتى في السفارات، وبمعرفة القائمين على هذه الجهات في العديد من الدول الأوروبية، وكذلك القائمين والناشطين في الاتحادات الطلابية المختلفة.
هذا التغاضي، أو لنقل التراخي المتعمَّد، من قبل القائمين على العمل الدبلوماسي اليمني في أوروبا، وخاصة في ألمانيا، وأيضًا من قبل الجاليات والاتحادات الطلابية اليمنية ، قد يعود إلى أسباب تتعلق بمدى تغلغل الإثنيات والكتل الأسرية المنتمية لهذه الجماعة داخل السلك الدبلوماسي اليمني والجاليات وهذه الاتحادات، كما يرى كثيرون، أو بسبب الانقسامات السياسية الحادّة بين المنتمين لحزبي الإصلاح والمؤتمر، والتي امتد تأثيرها إلى دول المهجر أيضًا.
هذا ليس خبرًا عابرًا ولا حالة استثنائية، بل أن الحوثيين، منذ سنوات، تمكنوا من بناء شبكة من المؤيدين المرتبطين بالجماعة، نجحت في التغلغل المنظم داخل أوروبا. وقد استغلّت هذه الشبكة الدعم والغطاء الإنساني والثقافي في الدول الأوروبية لتأسيس كيانات وجمعيات وأندية ذات طابع مدني ظاهري، بينما تخدم عمليًا أجندات الميليشيا وتتعدّد أنشطة هذه الكيانات بين جمع التبرعات والمساعدات، وتنظيم دورات إعلامية، إلى جانب تعلم كيفية التعامل مع البرامج المتقدمة في الحاسوب و الاتصالات الشبكية، بل وحتى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، يبرز النموذج السوري في أوروبا كنموذج أكثر وعيًا ونضجًا، سواء على المستوى الحقوقي أو السياسي. فرغم أن السفارات في عهد نظام الأسد كانت ما تزال تمارس مهامها في دول مختلفة، استطاع السوريون – أفرادا ومنظمات – توثيق جرائم الحرب والانتهاكات، وتقديم شكاوى للسلطات في ألمانيا مثلا، ساهمت في اعتقال ومحاكمة مسؤولين سابقين في أجهزة الأمن السوري متورطين في ممارسة جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان قدموا لهذه الدول ، وأيضًا عناصر من الميليشيات الداعمة لنظام الأسد. هذه المنظمات الحقوقية السورية لعبت دورًا حاسمًا في جمع الأدلة وتقديم الشهادات، مدعومةً بشهود من المقيمين السوريين أنفسهم، بعضهم كان ضحية مباشرة لتلك الجرائم.
ربما السؤال الأهم الآن: لماذا لا نرى حراكا دبلوماسيا وحقوقيا يمنيا مماثلًا، رغم أن عدد الممثلين الدبلوماسيين والجاليات واتحادات الطلاب اليمنية في كل دولة بل وكل ولاية أوروبية ومدينة، يكاد ينافس عدد المطاعم والمقاهي العربية المنتشرة في هذه القارة ؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news