صراع داخل "الغنيمة الحوثية" يتحول لعراك عنيف بين قياديين في مطار صنعاء
في حادثة تجلّي عمق التصدعات والصراعات الداخلية التي باتت تنخر جسد مليشيا الحوثي، شهد مطار صنعاء الدولي مؤخراً عراكاً عنيفاً بين قياديين حوثيين، إثر خلاف حاد على تقاسم حطام طائرة مدمّرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية، كانت قد استُهدفت مؤخرًا ضمن غارات إسرائيلية استدعتها المليشيا.
"غنيمة" من بقايا الحرب
ووفقًا لمصادر محلية مطّلعة تحدثت لـ"المنتصف"، فإن القيادي الحوثي المكنّى "أبو بتول العيني" دخل في مشادة كلامية تحولت إلى اشتباك جسدي مع قيادي آخر من محافظة صعدة، بعد تعثّر مفاوضات غير رسمية بينهما لتقاسم حطام الطائرة التي تحولت – في نظرهم – إلى غنيمة ثمينة نتيجة احتوائها على كميات كبيرة من الألومنيوم والمعادن الأخرى القابلة للبيع في سوق الخردة.
ويُباع كيلو الألومنيوم حاليًا في السوق المحلي بما يقارب 2000 ريال يمني، ما يجعل الطائرة المدمّرة هدفًا تجاريًا مربحًا، خصوصًا في ظل الانهيار الاقتصادي الواسع، واعتماد القيادات الحوثية على مثل هذه "الفرص" لتعزيز ثرواتهم الشخصية.
عراك يثير الذهول في منشأة سيادية
العراك الذي وقع في منطقة التخزين الخلفية داخل المطار، أثار ذهول الموظفين والعاملين الذين فوجئوا بتحول المرفق الرسمي إلى ساحة صراع نفوذ ومصالح، في مشهد نادر داخل منشأة مدنية ذات طابع سيادي.
شهود عيان أكدوا أن القياديين تبادلا الشتائم والضرب بالأيدي، قبل أن يتدخل مسلحون من الطرفين، مما دفع بالأمر إلى حافة الانفجار المسلح لولا التدخل العاجل لعدد من الزعماء القبليين المنتمين لمنطقة خولان عامر بصعدة، الذين تحركوا بسرعة لرأب الصدع بين الطرفين واحتواء الموقف.
خلافات تفضح النظام الداخلي للجماعة
ورغم أن القيادة الحوثية تحاول الظهور بصورة منضبطة ومتماسكة أمام الرأي العام، إلا أن هذه الواقعة تكشف – بحسب مراقبين – عن الطبيعة الفوضوية والنهب المنظّم الذي يسود أوساط الجماعة، وتحولها إلى كيان يقوم على تقاسم الغنائم والمصالح الشخصية لا على أي مشروع وطني أو حتى مذهبي.
ويرى المحلل السياسي عبدالكريم المقطري في حديثه لـ"المنتصف"، أن "تحوّل بقايا طائرة مدنية إلى موضوع نزاع بين قياديين يكشف مستوى التدهور الأخلاقي والإداري داخل الجماعة الحوثية، التي تتعامل مع مقدرات الدولة ومؤسساتها كفرص استثمار شخصي وليس كمرافق سيادية تخدم الشعب".
خلفية: غارات إسرائيلية وتدمير ممنهج
تجدر الإشارة إلى أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة، التي نُفذت الأربعاء الماضي، أسفرت عن تدمير واسع في مرافق مطار صنعاء الدولي، وشملت ضربات مباشرة لمدرج المطار وأربع طائرات مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية كانت في حيازة الحوثيين، بينها الطائرة التي شكّلت محور النزاع الأخير.
ووفقاً لتقارير ميدانية، فإن المطار بات شبه خارج الخدمة، وسط حالة ارتباك في صفوف الحوثيين، الذين اعتادوا استخدام المطار لأغراض عسكرية ونقل الأسلحة، تحت غطاء الرحلات المدنية.
نهب المؤسسات تحت عباءة "القيادة"
الحادثة ليست معزولة عن نمط أوسع من الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي، حيث عمدت خلال السنوات الماضية إلى تفكيك وبيع ممتلكات الدولة، ونهب محتويات الوزارات والمؤسسات، وتحويلها إلى مصادر ربحية لصالح قادتها.
كما استُخدمت ممتلكات الدولة من طائرات، ومركبات، ومعدات ثقيلة في شبكات فساد خفية، أو بيعت إلى سماسرة ومتعهدين مقابل عمولات ضخمة، في ظل غياب أي مساءلة أو رقابة.
خاتمة
تعكس هذه الحادثة جانبًا من الفوضى العميقة والانقسامات الداخلية التي تعيشها الجماعة الحوثية، حيث لم تعد صراعاتها تقتصر على الخصوم السياسيين والعسكريين، بل انتقلت إلى داخل صفوفها، مدفوعة بالجشع وتضارب المصالح وسط اقتصاد منهار، وشعب يدفع الثمن.
ويبقى السؤال: إذا كانت قيادة المليشيا تتناحر على خردة طائرة، فماذا عن مستقبل اليمن في ظل سطوتها؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news