لقاء الابطال ... لحظات عشت تفاصيلها
كان الأسبوع الأول لانتصار الضالع قد أزهر في قلوب الجميع فرحاً وفخراً، عندما تلقيت اتصالاً وأنا في مكتبي في مستشفى 22 مايو بالمنصورة، حيث كنت أمارس عملي كمسؤولة لدائرة جرحى وشهداء المقاومة.
كان المتصل الأخ أديب العيسي، قائد جبهة دار سعد آنذاك. قال لي:
– أختي أم الشهيد، قررت القيادة في عدن زيارة الضالع لتقديم التهنئة للقائد عيدروس ورجال الضالع الأشاوس بمناسبة تحرير الضالع.
ونريد منك التواصل مع الأخ القائد ابو قاسم كونك على تواصل معهم مستمر حول الجرحى والشهداء
قلت له على الفور: "أبشر".
تواصلت مباشرة مع القائد عيدروس الزبيدي، وأخبرته بما طلب مني
فدار بيننا هذا الحديث، وما زال صدى صوته يتردد في أذني حتى اليوم.
قلت له: "أخي القائد...". السلام عليكم
فأجابني: وعليكم السلام "نعم، تفضلي أختي أم الشهيد".
فعرضت عليه رغبة قيادة عدن في زيارة الضالع، فردّ قائلاً:
– "ما في داعي يطلعوا، نحن أساساً نازلين الأيام القادمة بإذن الله، قولي لهم لا يتركوا عدن".
أخبرته أن الوفد سيأتي فقط لتهنئتكم والسلام عليكم، وسيرحلون مباشرة بعدها.
وكنت الح عليه لأنني كنت أتشوق لهذا اللقاء أكثر منهم الجميع، فطوال الفترة الماضية كان تواصلي مع القائد عيدروس عبر الهاتف فقط، بخصوص الجرحى والإسعافات.
قال لي: "انتظري مني ردًا".
ولم تمضِ سوى دقائق، حتى اتصل مجددًا وقال:
– "قولي لهم أهلًا وسهلًا، الضالع وأهلها مستعدون لاستقبالهم غدًا".
أبلغت الأخ أديب العيسي فورًا بموافقة القائد، وحددنا موعد الانطلاق صباح اليوم التالي، على أن يكون التجمع في شارع التسعين.
تحرك الموكب من عدن باتجاه الضالع، مكوّنًا من إحدى عشرة سيارة ومجموعة من الآليات العسكرية، وعلى متنها أغلب قيادات الجبهات في عدن. كان مشهدًا مهيبًا، والفرحة والشوق يملأان عيون القادة، متلهفين للقاء رفاقهم أبطال الضالع، وعلى رأسهم القائد عيدروس الزبيدي.
وصلنا إلى "السيلة" قبل نقيل الربض، فوجدنا حشدًا من الأطقم والسيارات في انتظارنا. أوقفنا هناك، ونزل رجل يتبعه مجموعه من العسكر من إحدى السيارات، قدّم نفسه وقال إنه أُرسل من القائد عيدروس لاستقبالنا، وأن القائد بانتظارنا عند مدخل المدينة.
واصلنا السير حتى وصلنا إلى مدخل قرية زُبيد، وهناك كان في استقبالنا جمعٌ غفير من أبطال جبهة الضالع، يتقدّمهم القائد عيدروس. كان مشهدًا لا يوصف… لقاء الأحبة، ودموع وعناق بين رفاق السلاح الذين جمعتهم ميادين العزة والكرامة. أبطال عدن يعانقون أبطال الضالع، وكانت فرحة الانتصار تتجلّى في الوجوه.
كنت انا المرأة الوحيدة ضمن هذا الوفد، ولم أتمكن من النزول من السيارة بسبب الزحام، حتى تحرّك الجمع نحو الخيمة التي أُعدّت للاستقبال. كنت أبحث بعينيّ عن القائد بين الجموع، لكن لم أتمكن من رؤيته في البداية.
أعطيت أوامر للسائق الذي يقلني بالتوجه إلى أحد المنازل، وسار بي حتى وصلت ، ثم طُلب مني النزول، فدخلت المنزل، وهناك استقبلتني مجموعة من النساء، بكل حب وترحاب وود وفرحة وعرفت لاحقًا أنني في بيت القائد عيدروس الزبيدي، وأن من استقبلني هنّ نساء أسرته الكريمة.
كان الاتفاق أن تكون الزيارة قصيرة، تهنئة وسلام فقط، ثم نعود إلى عدن، لكننا فوجئنا بأن رجال الضالع قد أعدّوا لنا وليمة غداء فخمة، فاضطررنا لتغيير الخطة والبقاء.
وفي أثناء فترة الغداء، جاء القائد عيدروس إلى المنزل ليسلّم عليّ. كانت تلك أول مرة أراه فيها وجهًا لوجه... رجل يحمل من الهيبة الكثير، ومن التواضع أكثر.
سألني عن أوضاع دائره الجرحى وعن امكانيه نقل الجرحى إلى الخارج استغرق هذا اللقاء بعض من لدقائق ثم استأذن وغادر ليكمل لقاء مع ضيوفه رفاق السلاح أبطال عدن
أثناء تناول الغداء، نزلت أمطار غزيرة على الضالع، وكأن السماء تحتفل معنا بلقاء الإخوة…
انتهى اللقاء ودع الرفاق رفاقهم بالعناق وكان لقاء لا ينسى
فكلما احتفلنا بذكرى انتصار الضالع يمر عليا هذا الحدث وكأنه كان بالأمس القريب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news