تجسيداً لمشهد تتحول فيه الأحلام إلى كوابيس قاتلة، لقي شاب عشريني من أبناء محافظة البيضاء مصرعه داخل حفرة عملاقة كان قد حفرها بيده طيلة شهر كامل، بعد أن طارد "رؤيا" أخبرته بوجود كنز مدفون بجوار منزله.

الشاب، ويدعى محمد الزيلعي، قضى أيامًا طوالًا في حفر عمودي خطير تجاوز عمقه 50 مترًا – ما يعادل عمق بئر مياه – دون أي أدوات سلامة أو مساندة، مستندًا فقط إلى يقين حلم راوده أكثر من مرة، يقول له إن كنزًا كبيرًا مدفون في مكان بعينه بحي الصافية في مدينة رداع.

واظب الزيلعي على الحفر يوميًا من شروق الشمس حتى غروبها، وبقي الأمر سرًا لا يعلمه سوى عدد محدود من جيرانه، حتى جاء اليوم المشؤوم، حيث انهارت كميات ضخمة من التراب عليه أثناء وجوده في القاع، ما أدى إلى دفنه حيًا ومنعه من الحركة أو التنفس.

وبحسب سكان المنطقة، فقد اختفى الشاب لساعات قبل أن يلاحظ الجيران غيابه ووجود حفرة محفورة حديثًا، ما دفعهم إلى إطلاق عملية إنقاذ استمرت أكثر من 11 ساعة، لكن جهودهم انتهت بانتشال جثته في اليوم التالي، وقد فارق الحياة مختنقًا داخل الحفرة التي حفرها بأمل، ودفن فيها بوهم.

الحادثة أثارت صدمة واسعة، وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق اللحظات الأخيرة من عمليات الحفر وانتشال الجثمان، وسط أجواء حزينة وذهول لدى سكان الحي، الذين لم يصدقوا أن شابًا كان بينهم حتى الأمس قضى بهذه الطريقة المروعة.

وتعيد هذه الواقعة المأساوية إلى الأذهان حوادث مماثلة شهدتها مناطق في مديريات رداع بمحافظة البيضاء، حيث تسود بين بعض الأهالي قناعات بوجود كنوز مدفونة في باطن الأرض، تدفعهم للمجازفة بأرواحهم دون أي تخطيط أو إشراف فني، وسط تجاهل تام لقواعد السلامة.

وفي ظل غياب التوعية وخطر تصاعد الخرافات المرتبطة بـ"الكنوز المدفونة"، يدعو مختصون الجهات المحلية إلى تحمل مسؤوليتها في التوعية ومنع الحفر العشوائي الذي يحصد أرواح الأبرياء ويحول الأحلام إلى مقابر مفتوحة.