في تطور دراماتيكي، أسفرت غارات جوية إسرائيلية عن تدمير أربع طائرات مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية كانت رابضة في مطار صنعاء، لتنهي بذلك ثلاثة عقود من الخدمة الجوية التي شكلت نافذة حيوية لليمنيين إلى العالم. الحدث جاء في أعقاب تصعيد عسكري بين مليشيا الحوثي والكيان إسرائيل، وتركت تداعياته أثراً بالغًا على قطاع الطيران المدني في اليمن.
احتجاز ثم دمار: من مطار الحج إلى منصة الاستهداف
بدأت القصة في يونيو 2024، حين كانت الخطوط اليمنية تسيّر رحلات موسمية لنقل الحجاج من جدة إلى صنعاء. أثناء تنفيذ هذه المهام، احتجزت مليشيا الحوثي ثلاث طائرات مدنية ومنعت عودتها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، مما تسبب بأزمة حادة، خصوصًا بعد بقاء أكثر من 1300 حاج عالقين رغم دفعهم تكاليف العودة.
الطائرة الرابعة كانت قد احتُجزت مسبقًا منذ أكتوبر 2023 لأغراض صيانة، ما جعل مجموع الطائرات المحتجزة في مطار صنعاء أربع طائرات، تشكل غالبية أسطول الشركة.
سابقا، استُخدمت هذه الطائرات من قبل مليشيا الحوثي في رحلات غير خاضعة للتفتيش الدولي، لنقل قيادات ومقاتلين إلى سلطنة عمان وإيران، وإدخال خبراء أجانب ساهموا في تطوير القدرات العسكرية للجماعة، خاصة في مجالي الصواريخ والطائرات المسيّرة.
غارات إسرائيلية تقلب الطاولة
في أبريل 2025، وبعد تصاعد هجمات الحوثيين على إسرائيل، حذرت تل أبيب من استهداف مواقع حيوية في اليمن. وفي السادس من مايو، نفذت إسرائيل غارات جوية مكثفة على
مطار صنعاء
الدولي، أسفرت عن تدمير ثلاث طائرات مدنية يمنية كانت متوقفة هناك.
الضربة الأخيرة جاءت في 28 مايو، حين استُهدفت الطائرة الرابعة – التي كانت قد نجت من الضربات الأولى لوجودها في مهمة خارجية إلى الأردن – أثناء عودتها إلى مطار صنعاء. وهكذا، خسر اليمن في غضون أقل من شهر أسطوله المدني الرئيسي بالكامل.
تفاصيل الطائرات المدمرة
إيرباص A320 – رقم التسجيل 7O-AFC: دخلت الخدمة في “اليمنية” عام 1992، بعد خدمة سابقة في شركات طيران عالمية.
إيرباص A330 – رقم التسجيل 7O-AFE: تسلمتها الخطوط اليمنية عام 2007 وكانت جديدة بالكامل.
إيرباص A320 – رقم التسجيل 7O-AFA: طائرة حديثة دخلت الخدمة مباشرة بعد تصنيعها في أبريل 2011.
الطائرة الرابعة: لم تُعرف تفاصيل دقيقة عنها، لكنها كانت رابضة في المطار منذ أكتوبر 2023.
رمزية مفقودة وخسارة استراتيجية
الخسارة لا تقف عند الجانب المادي؛ بل تمثل ضربة موجعة لقطاع النقل الجوي اليمني، الذي يعاني أصلًا من التهميش والانهيار منذ اندلاع الحرب عام 2015. ومع تدمير هذه الطائرات الأربع، تكون الخطوط الجوية اليمنية قد فقدت الجزء الأكبر من قدرتها التشغيلية، لتدخل البلاد في مرحلة جديدة من العزلة الجوية.
ثمن الهجمات الحوثية
يمثل تدمير الطائرات الأربع مؤشرًا خطيرًا على هشاشة البنية التحتية المدنية في اليمن، ويكشف إلى أي مدى أدّى تسييس المجال الجوي إلى كوارث وطنية. فقد أدى استخدام مليشيا الحوثي المتكرر للأراضي اليمنية في شن هجمات ضد إسرائيل إلى تحويل منشآت مدنية، كمطار صنعاء، إلى أهداف عسكرية مباشرة، وهو ما تسبب في نهاية المطاف بتدمير ما تبقى من أسطول اليمن الجوي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news