هل كان دونالد ترامب مُحقا في إنهاء ضربات الحوثيين

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 12 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
هل كان دونالد ترامب مُحقا في إنهاء ضربات الحوثيين

بالرغم من أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقف الضربات الجوية على الحوثيين جاء في إطار محاولة لتفادي الانزلاق إلى حرب أوسع وأكثر كلفة، إلا أن هذه الخطوة قد تعد خطأ إستراتيجيا فادحا، أتاح للجماعة المدعومة من إيران فرصة إعادة ترتيب صفوفها، وتعزيز مواقعها، ومواصلة التهديد الإقليمي من دون رادع فعال.

وبينما قدّم ترامب قراره على أنه انتصار دبلوماسي واستباقي، فإن الوقائع على الأرض تكشف أن وقف إطلاق النار لم يغيّر شيئا من الوضع القائم، بل كرّس عجز الولايات المتحدة عن ردع هجمات الحوثيين على الملاحة الإقليمية، وترك إسرائيل وحلفاء واشنطن في المنطقة عرضة للمزيد من التصعيد.

ومنذ انطلاق “عملية الفارس الخشن” في منتصف مارس، كان واضحا أن الحملة، رغم محدوديتها، أرسلت رسالة واضحة تفيد بأن استهداف المصالح الإقليمية والدولية لن يمر من دون عقاب.

وعلى الرغم من فشلها في القضاء التام على القدرات الحوثية أو اغتيال قادتهم، إلا أنها نجحت في إرباك البنية العملياتية للجماعة، وإجبارها على تغيير مواقعها وطرق عملها، كما كبّدتها خسائر في العتاد والمعدات. إلا أن قرار وقف الضربات جاء قبل أن تحقق العملية أهدافها الإستراتيجية، ما أعطى الحوثيين فرصة للظهور بمظهر المنتصر سياسيا وإعلاميا، بل ومواصلة هجماتهم على إسرائيل من دون كلفة تُذكر.

ويقول ويل أ. سميث، الباحث في مركز ستيمسون، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال أنتريست” الأميركية إن الخطأ الجوهري في قرار ترامب يكمن في التوقيت والسياق.

وبينما كانت الإدارة تسعى لإنهاء التصعيد، كانت الهجمات الحوثية تتواصل، ليس فقط على السفن، بل أيضاً في سياق دعم مباشر لحماس في حرب غزة، ما حول الجماعة إلى ذراع إقليمية نشطة في مشروع إيراني أوسع.

ولا يعكس تجاهل هذا التهديد، أو التعامل معه بأدوات محدودة، سياسة حازمة، بل يُظهر تردداً يُفهم في طهران وصنعاء وبيروت على أنه ضعف أميركي.

وبعث هذا التراجع، حتى وإن جاء بدوافع عقلانية أو لخفض التكاليف، رسالة خاطئة مفادها أن الولايات المتحدة غير مستعدة لدفع الثمن للحفاظ على هيبتها ومصالحها في المنطقة.

وإلى جانب الأثر العسكري بعث وقف الضربات إشارة سلبية إلى الحلفاء في الخليج وإسرائيل، الذين كانوا يراهنون على موقف أميركي صارم في مواجهة الحوثيين.

وقد استُقبل القرار بانتقادات واسعة في الكونغرس، ليس فقط من الجمهوريين التقليديين، بل من شخصيات داعمة لترامب، والتي رأت في الانسحاب خضوعًا للضغوط وتراجعا عن تعهدات الردع.

ووصف السيناتور ليندسي غراهام الموقف بـ”الرضوخ للمعتدي”، في حين أصر آخرون على أن عدم محاسبة إيران وحلفائها سيُشجع على المزيد من التصعيد لاحقا.

أما من الناحية العملياتية فوقف إطلاق النار ترك الجماعة محتفظة بكامل قدراتها العسكرية تقريبا. وأكدت التقديرات الاستخباراتية الأميركية أن الحوثيين لم يتكبدوا خسائر فادحة تمنعهم من استئناف الهجمات، وهو ما يجعل وقف الحملة لا يختلف كثيرًا عن منحهم استراحة مؤقتة لإعادة التسلح والتنظيم.

التراجع الأميركي الأخير لا يبدو مجرد انسحاب تكتيكي، بل يعكس مأزقا إستراتيجيا حقيقيا في صياغة سياسة فعالة تجاه التهديدات المتزايدة في الشرق الأوسط

والأسوأ من ذلك أن واشنطن بذلك فقدت أداة ضغط رئيسية كان من الممكن أن توظفها في المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة أو في محادثاتها مع إيران بشأن البرنامج النووي.

وأغفل قرار وقف الضربات أيضا الجانب النفسي والإستراتيجي للصراع، وهو ما يُعرف بـ”المصداقية الردعية”. فعندما تعلن دولة عظمى أنها سترد على التهديدات، ثم تتراجع قبل تحقيق أهدافها، فإن صورتها تتضرر، ويضعف تأثير تهديداتها المستقبلية.

وفي عالم مضطرب ومليء بالفواعل غير الدولية، مثل الحوثيين وحزب الله، فإن القوة وحدها لا تكفي، بل يجب أن تكون مصحوبة بالإرادة السياسية لتطبيقها حتى النهاية. وإلا فإن الحسابات في العواصم الإقليمية، من طهران إلى صنعاء، ستتغير لصالح المزيد من التحدي للنفوذ الأميركي.

وتبدو الحرب ليست دائمًا الخيار الأفضل، لكن حين تُطلق حملة عسكرية كرد فعل على تهديد صريح، فإن سحبها من دون نتيجة ملموسة يفتح الباب أمام المزيد من التهديدات ويُفقد واشنطن أدوات التأثير الفعلي.

ولذلك يمكن القول إن ترامب، بوقفه الضربات الجوية على الحوثيين في هذا التوقيت الحرج، لم يُنهِ حربا، بل أجّل صداماً مقبلاً بشروط أسوأ.

وبالنظر إلى الخلفية المعقدة للصراع بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، يمكن فهم تداعيات قرار وقف الضربات الجوية في سياق أوسع يتجاوز الحسابات العسكرية المباشرة. فمنذ بداية الحرب اليمنية عام 2015، تحوّل الحوثيون من جماعة محلية إلى فاعل إقليمي يتمتع بدعم إيراني واسع، واستطاع بمرور الوقت تطوير قدرات عسكرية متقدمة شملت الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، ما سمح له بتهديد الملاحة في البحر الأحمر وضرب أهداف إقليمية إستراتيجية.

وترافق التحول النوعي في تهديد الحوثيين مع تصاعد التوتر في الإقليم، لاسيما في أعقاب الحرب على غزة، حيث بدأت الجماعة في تقديم نفسها كجزء من محور المقاومة، مدعية الانخراط في الصراع ضد إسرائيل دعما للفلسطينيين.

وسمح هذا التموضع السياسي للحوثيين بتوسيع نطاق عملياتهم وتبرير هجماتهم أمام جمهور داخلي وخارجي، ما صعّب مواجهتهم عسكريا دون تداعيات دبلوماسية أوسع.

وفي المقابل كانت واشنطن تحاول منذ سنوات إعادة ترتيب أولوياتها الإستراتيجية، بالانسحاب التدريجي من صراعات الشرق الأوسط والتركيز على التحديات الكبرى مثل الصين وروسيا.

وفي هذا الإطار لم تكن الإدارة الأميركية -سواء في عهد جو بايدن أو عهد ترامب – راغبة في التورط بحملة عسكرية طويلة الأمد في اليمن، خاصة وأن التدخل العسكري السابق بقيادة السعودية لم يحقق نتائج حاسمة، بل أسهم في تعقيد الأزمة الإنسانية وتآكل شرعية الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

ومع ذلك، فإن تردد واشنطن المتكرر في مواجهة التحديات في اليمن والمنطقة ساعد على تآكل صورة الردع الأميركي، وهو ما استغلته طهران لتعزيز نفوذها من خلال دعم حلفائها غير الدوليين، وفي مقدمتهم الحوثيون.

وفي ظل غياب إستراتيجية شاملة تربط العمل العسكري بالدبلوماسية والمصالح الإقليمية، بدت الضربات الجوية الأميركية الأخيرة -ثم وقفها المفاجئ- جزءا من نمط متكرر من التحركات التكتيكية غير المتماسكة إستراتيجيا.

ولذلك يمكن القول إن قرار وقف الضربات لم يأتِ من فراغ، بل كان نتاجا لتراكم إخفاقات في التعاطي مع الملف اليمني على مدار سنوات، وسوء تقدير مستمر لمدى التحول الذي طرأ على جماعة الحوثي من مجرد جماعة محلية إلى فاعل إقليمي يُحسب له حساب.

وفي هذا السياق لا يبدو التراجع الأميركي الأخير مجرد انسحاب تكتيكي، بل يعكس مأزقا إستراتيجيا حقيقيا في صياغة سياسة فعالة تجاه التهديدات المتزايدة في الشرق الأوسط، والتي لم تعد تتطلب فقط الرد العسكري، بل تصورا شاملا ومتماسكا للمصالح الأميركية في المنطقة ودور واشنطن في حمايتها.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

هذه الدول تُعلن السبت 7 عيد الأضحى

اليمن السعيد | 252 قراءة 

انقلاب كامل يجتاح هذه المحافظات (صور)

العربي نيوز | 236 قراءة 

صدمة في صنعاء: احتراق طائرة يمنية قادمة من الأردن يحوّل المدرج إلى كتلة نار!

المرصد برس | 201 قراءة 

نبوءة الطيارة قلبت الدنيا.. ليلى عبد اللطيف تقلب الطيارة والمطار في نبوءة خرافية توقع مذهل

صوت العاصمة | 194 قراءة 

عصابة دولية تحدد سعر حياة اليمني !

العربي نيوز | 189 قراءة 

الحوثي يهدد من صنعاء ويتحدث عن "مفاجآت مؤلمة"

جهينة يمن | 177 قراءة 

الفنان المصري تامر حسني ينشر فيديو لليمنية هديل مانع..شاهد

المرصد برس | 166 قراءة 

شاهد صورة الشخص الذي صعق بأسلاك الكهرباء (محزن)

جهينة يمن | 158 قراءة 

مشاهد لإخلاء طائرة الخطوط الجوية اليمنية قبل استهدافها بعدوان إسرائيلي

قناة المهرية | 150 قراءة 

تفجيرات غامضة تهز الحديدة.. الحوثيون يُنقّبون تحت الرماد لإخراج أسلحة ومعدات دفنتها الغارات الأمريكية

نافذة اليمن | 149 قراءة