يكتنف الغموض والتضارب مواقف الأطراف من اقتراح أمريكي لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الشيء الأكثر وضوحاً ولا يكتنفه الغموض هو استمرار شلال الدماء، واستمرار المعاناة الإنسانية بأعلى مستوياتها.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول فلسطيني أمس قوله: إن حركة حماس وافقت على مقترح المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة، لكن مسؤولاً إسرائيلياً نفى أن يكون المقترح من واشنطن، وأضاف أنه لا يمكن لأي حكومة إسرائيلية قبوله. ورفض ويتكوف أيضاً فكرة أن حماس قبلت عرضه بشأن اتفاق لإطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وقال، إن ما رآه «غير مقبول إطلاقاً» وإن المقترح قيد النقاش يختلف عن المقترح الذي طرحه.
وكان المسؤول الفلسطيني المقرب من «حماس» قال إن الاقتراح الذي تلقته حماس عبر وسطاء يتضمن إطلاق سراح 10 أسرى ووقف إطلاق النار لمدة 70 يوماً.
وأضاف المسؤول «يتضمن العرض الذي يعتبر تطويراً لمسار المبعوث الأمريكي ويتكوف إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء من المحتجزين لدى حماس على دفعتين، مقابل هدنة لمدة 70 يوماً والانسحاب الجزئي التدريجي من قطاع غزة وإطلاق سراح أعداد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بينهم عدة مئات من أصحاب المحكوميات العالية والمؤبدات».
وتابع «ستبدأ مفاوضات غير مباشرة حول هدنة طويلة الأمد ومتطلباتها، وتمكين لجنة الإسناد المجتمعي المستقلة لإدارة قطاع غزة». ورفض مسؤول إسرائيلي الاقتراح، قائلاً إنه لا يمكن لأي حكومة مسؤولة قبول مثل هذا الاتفاق ورفض التأكيد على أن الاتفاق يطابق ما اقترحه ويتكوف.
وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن أمله في القيام بإعلان بشأن الأسرى المحتجزين في غزة خلال 24 ساعة، بعد إعلان حماس قبولها مقترح وقف إطلاق النار من الوسطاء. وقال نتانياهو في فيديو بثّ على قناته على تلغرام «آمل حقاً أن نتمكن من القيام بإعلان بشأن الرهائن، إن لم يكن اليوم (أمس)، فغداً».
قصف وضحايا
في الأثناء، قضى أمس 52 فلسطينياً في القصف الإسرائيلي على غزة، وفق الدفاع المدني الفلسطيني، من بينهم 33 في مدرسة تؤوي نازحين.
وأفاد الناطق باسم الدفاع المدني الفلسطيني محمود بصل بمقتل 33 شخصاً على الأقل في قصف مدرسة فهمي الجرجاوي فجر أمس، في مدينة غزة وإصابة العشرات «غالبيتهم من الأطفال»، واصفاً ما حدث بأنه «مجزرة مروعة».
واستيقظت فرح ناصر النازحة من بيت حانون على دويّ القصف ورأت «مشاهد رعب وفوضى وسط رائحة موت ونار وكبريت ودماء». وأظهرت صور نازحين في المدرسة التي اشتعلت فيها النيران ومحاولة طفلة النجاة من وسط ألسنة اللهب، الذي التهم الخيام في باحتها وأحدث القصف والنار أضراراً في مبناها.
وفي وقت لاحق، أفاد الناطق باسم الدفاع المدني عن مقتل 19 فلسطينياً من عائلة عبد ربه إثر غارة جوية على منزل في جباليا في شمال القطاع.
ودعا الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين إلى مغادرة معظم المناطق في جنوب القطاع، في وقت يستعد لشن «هجوم غير مسبوق»، وذلك وفقاً لأمر إخلاء تم نشره باللغة العربية. ووفقاً لخريطة نشرها الجيش الإسرائيلي، تشمل أوامر الإخلاء مدينتي رفح وخان يونس الكبيرتين، بالإضافة إلى جميع المناطق الأخرى في جنوب القطاع، باستثناء منطقة المواصي.
وطالب الجيش الإسرائيلي سكان غزة بالتوجه نحو منطقة المواصي في جنوب غرب غزة، والتي تم تصنيفها «منطقة إنسانية» خلال الحرب.
حصار خانق
ويترافق القصف الإسرائيلي مع حصار خانق أدى إلى تفاقم نقص الغذاء والمياه والوقود والأدوية في القطاع الفلسطيني الصغير، ما أثار مخاوف من حدوث مجاعة. وتقول منظمات إغاثة إن كمية الإمدادات التي سمحت إسرائيل بدخولها في الأيام الأخيرة لا تتعدى أن تكون نقطة في محيط احتياجات السكان العاجلة.
وفي السياق، أعلن جيك وود، مدير «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من الولايات المتحدة، والتي كانت تستعد لإدخال مساعدات إلى غزة، استقالته من منصبه بشكل مفاجئ وبمفعول فوري الأحد، ما عزز الشكوك بشأن هذا الجهد الإغاثي.
وقال جيك وود في بيان، إنه شعر بأنه «مضطر لترك منصبه بعدما تيقن بأن المنظمة لا تستطيع إنجاز مهمتها في إطار التزامها «بالمبادئ الإنسانية». وفي بيان أمس، أعرب مجلس إدارة «مؤسسة غزة الإنسانية» عن أسفه لاستقالة رئيسه، وأكد أن عملية توزيع المساعدات ستبدأ قريباً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news