مجزرة صرف.. جريمة يسعى الحوثيون لطمسها حيث تحولت البيوت إلى قبور لا تُعدّ ولا تُحصى
حشد نت - المصدر أونلاين
في لحظة واحدة، فقدت أسر كاملة في منطقة صرف ببني حشيش شمال صنعاء، كل شيء: الجد، والجدة، والأب، والأم، والأطفال، والسيارات، والمنازل التي كانت تضم ذكرياتهم، حيث تحول حي سكني هادئ إلى ركام وأطلال بعد انفجارات أعقبها تطاير للصواريخ مصدرها حوش يضم مبنيين صغيرين، حوله الحوثيون إلى مخزن أرضي، وفقًا لأقارب الضحايا وشهود عيان ومصادر محلية وطبية.
وبحسب المعلومات التي تم جمعها، بدأ تصاعد الدخان في الساعة التاسعة صباح يوم الخميس 22 مايو الجاري، من منشأة تبدو كورشة، مكونة من حوش ومبنيين صغيرين وملحق وكنتيرة، في منطقة صرف على بعد نحو مائة متر من نقطة "خشم البكرة"، تلاه بعد دقائق انفجاران هائلان. تسبب الانفجاران في تدمير نحو 15 منزلاً، يقطنها نحو مائة شخص، دُمرت بشكل كامل أو شبه كامل، وسقطت نحو عشر شقق منها على رؤوس ساكنيها.
وفقًا لشهود عيان ومصدر محلي وقريب أحد الضحايا، وثلاثة مصادر طبية، فإن عدد القتلى والمصابين يزيد على 150 شخصًا، نُقل أغلبهم تحت إشراف مسلحين حوثيين انتشروا وطوقوا المنطقة قبل وصول فرق الدفاع المدني والإسعاف، ونقلوا إلى خارج المنطقة باستثناء بعضهم الذين ظلوا تحت الأنقاض.
ونُقلت نحو 23 جثة على متن أطقم إلى مستشفيي الشرطة وزايد، من بين تلك الجثث فتاة مقطوعة الرأس والأطراف، تمكن أقاربها من التعرف عليها بصعوبة.
ونقل المصابون قسرًا وتحت إشراف المسلحين الحوثيين إلى الأقسام المخصصة للجرحى الحوثيين في مستشفيات الشرطة، الثورة، الجمهوري، ومستشفى 48، إضافة إلى ثلاثة مستشفيات خاصة.
وعن عدد الضحايا الذين قتلوا بالانفجارين وبتطاير الشظايا والصواريخ، قال المصدر المحلي: "لا أستطيع تحديد العدد بدقة، لكن الضحايا بالعشرات، حيث تم تفريق الجميع وتوزيعهم على المستشفيات، وأسر كاملة انتهت في الانفجار".
أحد الضحايا يُدعى راشد الكندي، خسر زوجته "أسماح عبدالله"، ونجله خالد (10 أعوام)، وبناته الأربع: ريم (16 عاماً)، ونصيرة (14 عاماً)، وخلود (12 عاماً)، وغروب (6 سنوات)، وفقًا لمصدر تحدث شريطة عدم كشف هويته لدواعٍ أمنية.
وخسر راشد منزلين له، دُمّرا بشكل كامل، أحدهما على رأس أسرته، والثاني على رأس جيرانه المستأجرين، كما دمرت مركبة تابعة له (باص)، كما أن اثنين من أشقائه أصيبا بشظايا.
ومن بين الضحايا، إحدى الأسر التي استأجرت مؤخراً شقة في المنطقة، قريبة من مكان الانفجار، واستقرت في المنزل عشية الحادث. يقول المصدر: "قُتلوا جميعًا، ولا أعرف أنا أو أسرتي أو جيراننا كم عددهم، كونهم استقروا في الشقة ليلاً، وهم تقريبًا من منطقة الحيمة".
وأسرة المحويتي، المكونة من زوجتين، من بين الضحايا، حيث قضت زوجته الأولى "أميرة"، مع أولادها (حنان، هديل، مجدي، مهران، أحمد) في الانفجار، وتوفيت الزوجة الأخرى مع طفليها (ولد بعمر 11 شهراً، وآخر في عمر عامين). قُتلوا أيضًا في الانفجار، وكانت الأسران تقطنان في منزلين متجاورين.
وقضت أسرة رابعة تُدعى "عائلة الوصابي"، مكونة من جدة، وأب وزوجتين وثلاثة أطفال تحت الأنقاض. كما قُتل اثنان من أصحاب الدكاكين الموجودة في محيط المستودع الذي انفجر، أحدهما يُدعى "مطهر" من أبناء المحويت، والآخر يُلقّب بـ"الأزرق"، وكلاهما جُمعا كأشلاء، وفقًا لشاهد عيان.
شخص تربطه قرابة بعائلات من الضحايا قال إنه مُنع من الوصول إلى المنطقة، حيث توجه بعد علمه بالحادث، لكن نقاطًا عسكرية استُحدثت في مداخل منطقة صرف، وفي الشوارع الفرعية، منعته من الوصول.
وقال، شريطة عدم كشف هويته وأسماء أقاربه، إن أربعة من أقاربه أُصيبوا في الانفجار بإصابات متنوعة، مضيفًا: "حسب ما عرفت فقد توفي على الأقل 19 شخصًا في الانفجار، سُحب بعضهم من تحت الأنقاض، وطفل توفي الجمعة متأثرًا بالإصابة"، مشيرًا إلى أن المصابين قد يكونون ما بين 60 و80 شخصًا.
مصدر طبي مقرب من جماعة الحوثيين أفاد بأن نحو 150 شخصًا قد يكون مجموع ضحايا الحادثة مصابين وقتلى، وأضاف في حديثه: "عدد كبير منهم هم من المجاهدين" في إشارة إلى عناصر المليشيا الحوثية الذين كانوا موجودين في ذات المكان.
وأكد مصدر ثانٍ، يعمل في مستشفى حكومي، أن "الضحايا والمصابين كثير جدًا، وتم توزيعهم على عدة مستشفيات حسب الحالات". وقال مصدر ثالث: "إن ثلاثة مستشفيات خاصة على الأقل استقبلت بعض أصحاب الإصابات الخطيرة"، كما استقبلت مستشفيات الجمهوري والكويت و48 حالات عديدة.
وكانت مصادر إعلامية قد قالت إن نحو 40 شخصًا على الأقل قُتلوا في الانفجار، من بين القتلى مسلحون حوثيون في نقطة "خشم البكرة"، ومدنيون يستقلون سيارة وباص، كانوا قرب المنطقة.
وتُظهر مقاطع فيديو أضرارًا بالغة بمظلة نقطة "خشم البكرة"، وقال أحد المصادر إن بقالات قريبة من النقطة دمرت، ما يؤكد صحة المعلومات التي تفيد بمقتل عدد من عناصر المليشيا ومدنيين من بينهم بائعو قات، صادف عبورهم أو توقيفهم في النقطة وقت الحادثة.
وتُظهر المقاطع المصورة تطاير الصواريخ في أنحاء متفرقة من المنطقة، ويظهر في إحداها مواطنون يفرّون، ويتحدث أحدهم عن وجهة صاروخ "انفجر في مصنع دبي"، وهو مصنع بلك يقع على بعد نحو 90 متراً من موقع الانفجار.
ورجح أحد سكان المنطقة أن ما بين 20 إلى 30 سيارة دُمّرت جزئيًا أو كليًا، فيما لحقت أضرار متفاوتة بـ 100 منزل، و8 محلات تجارية بسبب الانفجارين أو بسبب سقوط الصواريخ المتطايرة.
وتم الاطلاع على نحو 50 صورة خاصة، تظهر الأضرار التي لحقت بعشرات المنازل والمحلات، من بينها منازل مدمرة ومنازل كثيرة تكسرت نوافذها، وسقط ركن أحدها.
كما تم الاطلاع على مقطع مصور يظهر أحد سكان المنطقة على ركام أحد المنازل، يقول إنه لم يشاهد "أي أخبار بشأن الانفجار في التلفزيون".
ومن بين الفيديوهات التي تم الاطلاع عليها، عملية انتشال ضحايا من تحت الأنقاض، من بينهم طفل، ومقطع آخر يظهر وضع جثة مع ما يبدو أنها جثث متكدسة ملفوفة بقطع قماش على متن عربة عسكرية "طقم".
ولم يصدر عن الحوثيين أي بيان بشأن الحادثة، وفرضوا منذ اللحظات الأولى على المنطقة طوقًا أمنيًا مشددًا، مُنع فيه عدد من سكان المنطقة من النزوح من منازلهم، خوفًا من الصواريخ المتطايرة، حيث استمرت أصوات الانفجارات المتقطعة وتطاير المقذوفات نحو ساعتين، بحسب أحد التجار المرتبطين بأُسر متضررة.
وقال التاجر: إنه مرّ أكثر من مرة من جوار المنطقة، وإن الخريطة التي عرضت عليه صحيحة، وأن عائلة صديقه تضررت في الحادثة، مضيفًا: "معروف أن الحوش تابع لهم (الحوثيين)، لكن لا أحد يعرف ماذا يحدث داخل الحوش. قد يكون مقراً أمنيًا أو موقعًا عسكريًا صغيرًا، لكن أن تُخزن فيه كميات ذخيرة وأسلحة بهذا الشكل، جريمة مكتملة الأركان بحق المدنيين والسكان الذين يُفترض أنهم يحمونهم".
وقوبلت الجريمة، مع التحفّظ على أسماء بعض الضحايا، بما في ذلك نحو 10 من المصابين، اشترط مصدر خاص عدم نشرها في الإعلام لخطورة الوضع، بإدانات واسعة من منظمات حقوقية ونشطاء، بما في ذلك أحد القيادات التي كانت محسوبة سابقًا على الحوثيين انتقد عدم إفصاح الجماعة عن سبب الحادثة.
وفي بيان إدانته، اتهم مركز أمريكي للعدالة مليشيا الحوثي باستمرار تهديد حياة المدنيين بتخزين الأسلحة في المناطق السكنية، مؤكدًا أن الانفجار حدث في مخزن أسلحة تحت الأرض كان يحتوي على صواريخ للدفاع الجوي وكميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار، مثل نترات الصوديوم (NaNO₃)، نترات البوتاسي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news