في مشهد مهيب بالعاصمة اليمنية صنعاء، قلب موكب تشييع الشيخ القبلي البارز وعضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، ناجي محمد جمعان الجدري، الطاولة على جماعة الحوثي، بتحوله إلى استفتاء شعبي صامت وصرخة قبلية قوية ضد المشروع الإيراني. آلاف المواطنين توافدوا من مختلف المناطق رغم القبضة الأمنية، في رسالة واضحة: صنعاء لم تخضع، والقبيلة لا تزال حرة.
وشهدت شوارع العاصمة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حضوراً كثيفاً لقيادات قبلية وشخصيات اجتماعية ومواطنين رافقوا جثمان الشيخ الراحل من المستشفى السعودي الألماني إلى مثواه الأخير في مقبرة كولة جدر، وسط هتافات وتجمعات لافتة تناقلها ناشطون على نطاق واسع، معتبرين أن المشهد كشف عمق الرفض الشعبي للجماعة.
وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، قال في تصريحات رسمية رصدها "المشهد اليمني"، اليوم الإثنين، إن ما حدث لم يكن مجرد وداع لرمز وطني، بل تظاهرة سياسية صامتة أكدت أن القبيلة اليمنية لا تزال تحتفظ بولائها لرموزها وترفض الخضوع للحوثيين. وأضاف أن الحشود جددت ولاءها لوطن "اختُطف، ولثورة خُنقت، ولجمهورية تتطلع للخلاص"، مشيراً إلى أن ما جرى "بداية انبعاث جديد لصوت اليمن الحر".
وأكد الإرياني أن الرسالة التي وجهها المشيعون وصلت إلى الداخل والخارج، قائلاً إن "من ظن أن صنعاء استكانت، ومن اعتقد أن القبيلة تم تدجينها، تلقى اليوم رداً عملياً وشجاعاً". وأضاف: "قلتم للعالم أجمع إن الكهنوت إلى زوال، وإن القبيلة اليمنية ما زالت حرة، أبية، تملك قرارها وترفض الخنوع".
وأشار الوزير إلى أن المشهد في صنعاء يعكس حجم العزلة التي تعاني منها جماعة الحوثي، حتى في المناطق التي كانت تُعد سابقًا ضمن حواضنها القبلية. وقال إن الجماهير المحتشدة بعثت برسالة واضحة مفادها أن "هذا الكابوس إلى زوال، وإرادة الشعب أقوى من بطش المليشيا".
وتوفي الشيخ ناجي جمعان في القاهرة بعد ثماني سنوات من مغادرته اليمن عقب مشاركته في انتفاضة ديسمبر 2017 التي دعا لها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ضد الحوثيين، وقد فقد اثنين من أبنائه خلالها. وكان يُعد من أبرز رموز المقاومة القبلية، وواصل نشاطه السياسي في الخارج حتى وفاته.
ويُنظر إلى مراسم التشييع في صنعاء، التي خضعت لإجراءات أمنية مشددة من قبل الحوثيين، على أنها واحدة من أكبر التحركات القبلية الصامتة منذ سيطرة الجماعة على العاصمة، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً على تزايد الاحتقان الشعبي ورفض الهيمنة الحوثية حتى داخل عمقها الجغرافي والاجتماعي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news