البيضاء.. حين تُهان الجمهورية في صمت

     
موقع الأول             عدد المشاهدات : 30 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
البيضاء.. حين تُهان الجمهورية في صمت

كتاب الرأي

كتب محمد الريامي

ثمة محافظة يمنية تُدعى البيضاء، لكنها ليست بيضاء في أعين السلطة، بل باهتة – في نظرهم – حد الإقصاء. بيضاء الجغرافيا والرجال، لكنها مُظللة بإرث من التجاهل السياسي المركب، كأنها لا تستحق موقعها، ولا تاريخها، ولا حتى جغرافيتها.

البيضاء، التي لا يعرف عنها كثيرون إلا أنها موطن لبعض الجبال والقبائل، ليست هامشاً كما أرادوا، بل عمقًا لمشروع وطني رفض أن يُؤدلج، وأن يُختزل، وأن يُساق كالقطيع في ركب المليشيات أو مراكز النفوذ. ولهذا، بالضبط، أُقصيت.

في زمن انحنت فيه الكثير من الجبهات، وتجذرت الطائفية في مفاصل الحكم، وتشرذمت المشاريع، ظلت البيضاء وحدها تُقاتل بهوية واضحة: لا للسيد، ولا للشيخ المتسلط، ولا للوصاية. أبناء البيضاء لم يكونوا يوماً طائفيين، ولا مناطقيين، ولا متعصبين. كانوا يمنيين فقط. جمهوريين بالفطرة، لا بالتوجيه. وهنا مربط الفرس: لا يمكن للأنظمة المتسلطة، القديمة أو الجديدة، أن تتحمل صوتاً جمهورياً نقياً لا يلهث وراء المغانم، ولا يُساوم على ثوابته. وهكذا، صُنّفت البيضاء كتهديد، لا كرافعة.

حين لم يستطيعوا تطويع البيضاء، حاولوا شيطنتها. فزرعوا فيها “القاعدة”، أو تغاضوا عنها على الأقل، ثم راحوا يصورونها كمنطقة متطرفة، بينما كانت في حقيقتها ساحة صراع بين أبناء قاوموا، وقبائل رفضت، ومجتمع أبى أن ينزلق. القاعدة لم تكن وليدة المجتمع البيضاني، بل وليدة تواطؤ الدولة وانهيارها. ورغم كل ما قيل، لم يكن هناك صوت بيضاني واحد صادق يحتفل بالإرهاب أو يبرره. كانوا وحدهم يقاتلون في الميدان، بينما تُهم تُلصق بهم من خلف المكاتب والمقاهي.

حين اندلعت الحرب، لم تنتظر البيضاء أحداً. شكلت مقاومة شعبية خالصة، خرجت من قلب القبائل، ومن قرى لم يصلها حتى طريق معبّد، لكنها وصلت إلى الجبهات. ومع ذلك، تُركت وحيدة. لا سلاح، لا دعم، لا حتى اعتراف سياسي. أليست هذه هي الجمهورية؟ أليس هؤلاء هم “جمهوريي العرق الصافي”؟ فلماذا لم تُحترم تضحياتهم؟ الإجابة بسيطة: لأنهم لم يكونوا تابعين. لأنهم لم يرفعوا صورة زعيم، ولا راية فصيل، بل اكتفوا براية اليمن.

أكثر ما يُقلق مراكز النفوذ هو أن تنبع قوة لا يستطيعون التحكم بها. والبيضاء، بتاريخها المقاوم منذ الإمامة، تمثل هذا القلق. هي عقدة في خريطة المشاريع الضيقة، وبوصلة لجمهورية حقيقية لو تُركت لتأخذ مكانها الطبيعي. لم تُمنح البيضاء وزارة سيادية، ولا قيادة عسكرية مؤثرة، ولا حتى حصة في مفاوضات السلام، رغم موقعها الحاسم بين ثماني محافظات. والسبب؟ لأنهم يعرفون أنها لن تساوم، ولن تصمت، ولن تتنازل.

من يخشى البيضاء؟ هو من يخشى الجمهورية. من يهمشها؟ هو من لا يريد شريكاً بل تابعاً. ومن يحاصرها إعلامياً؟ هو من يعرف أن البيضاني إذا نطق، نطق باسم اليمن كله، لا باسم السلالة، ولا الجهة، ولا الولاء.

البيضاء ليست ساحة فراغ. إنها ضمير الجمهورية الموجوع.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : في خطوة مفاجئة ...رئيس مجلس القضاء الاعلى في العاصمة صنعاء يفاجئ الجميع ويتخذ هذا القرار بحق عبدالملك الحوثي

جهينة يمن | 1143 قراءة 

عاجل: "اليمنية" تفاجئ الجميع وتكشف تفاصيل خطيرة عن الاستهداف الذي تعرّضت له آخر طائرة في مطار صنعاء، وتتخذ قرارًا طارئًا.

جهينة يمن | 948 قراءة 

وزير الإعلام: الحوثيون مسؤولون عن تدمير طائرات اليمنية وتحويل مقدرات الدولة إلى رماد

حشد نت | 825 قراءة 

في صنعاء المختطفة.. رصاصة حوثية تطفئ نور أكاديمي

حشد نت | 545 قراءة 

أول تصريح لـ "نتنياهو" عقب ضر/ب مطار صنعاء

صوت العاصمة | 470 قراءة 

عاجل : بشرى سارة ...هذا ما اتفق عليه الرئيس العليمي مع بوتين اليوم على مأدبة الغداء

جهينة يمن | 450 قراءة 

المشاط يظهر في مطار صنعاء بعد غارات اسرائيلية ويتحدث من فوق الركام عن ”مفاجآت مؤلمة”

المشهد اليمني | 395 قراءة 

10 ملايين ريال وسيارتان وامرأتان! .. شاهد اغرب تحكيم قبلي يثير الجدل في اليمن

المشهد اليمني | 381 قراءة 

عاجل:رئيس الحوثيين يقوم بهذا الامر عقب تعرض مطار صنعاء لغارات

جهينة يمن | 304 قراءة 

طارق صالح يبحث مع سفراء الاتحاد الأوروبي مستجدات الأوضاع في اليمن وسبل تعزيز التعاون

حشد نت | 294 قراءة