تهامة 24 – خاص
في مشهد مؤلم يكشف عمق المأساة التي يعيشها كثير من اليمنيين، أعلن المواطن عبدالرحمن حمزة، أحد أبناء تهامة المقيمين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، عن عرضه منزله في محافظة الحديدة للبيع “بأي سعر”، في محاولة يائسة لتوفير العلاج والغذاء لأفراد أسرته الذين يواجهون أوضاعًا صحية حرجة.
وقال حمزة، في منشور مؤثر نشره على صفحته بموقع “فيسبوك” من فناء المستشفى الجمهوري بصنعاء، إن معاناته بدأت منذ سنوات طويلة، حيث أُصيب ابنه البكر، الدكتور حمزة عبدالرحمن، بمرض وراثي نادر يسبب تكسرًا في الدم، تبعه لاحقًا اثنان من إخوته بنفس المرض.
وأوضح أنه رغم هذه الظروف، لم يستغل معاناة أسرته في طلب المساعدة أو التسول، مؤكدًا أنه عمل منذ كان في الرابعة عشرة من عمره، وساعد والده –رحمه الله–، وعاش حياة قنوعة متكئًا على كفاحه الشخصي.
وأضاف حمزة أن ابنه “محمد” تعرّض قبل ثلاث سنوات لحادث أثناء ذهابه للتقديم في الكلية، ما أدى إلى كسر في الفخذ والركبة، وأُجريت له خمس عمليات جراحية فاشلة، تدهورت على إثرها حالته الجسدية والنفسية.
وأشار إلى أن الأطباء أوصوا بإجراء عمليتين معقدتين له، بكلفة تصل إلى ثلاثة ملايين ريال، محذرين من أن التأخير قد يؤدي إلى بتر قدمه. وقال: “كنت أنوي سفره للخارج، لكنني لم أستطع بسبب ظروفي. نقلته إلى صنعاء، وتمت إحالتي إلى مستشفى النخبة حيث تقررت العمليتان”.
وأكد حمزة أنه توجه إلى هيئة الزكاة التابعة لمليشيا الحوثي، لكنها لم تقدم له أي مساعدة، متهمًا إياها بالتمييز ضد أبناء تهامة، وقال: “نحن مواطنون من الدرجة الرابعة في نظرهم، لا قيمة لنا”.
وأضاف أن تدهور حالة ابنه انعكس على والدته التي أُصيبت بجلطة نُقلت على إثرها إلى العناية المركزة، حيث خضعت لعمليتين جراحيتين بعد أن تبين توقف الرئة اليمنى لديها ووجود أكياس قيحية في جسدها. كما أُصيبت طفلته الصغرى التي لم تُكمل عامين بتكسرات في الدم وتم نقلها إلى مستشفى السبعين.
وقال حمزة: “بعت كل ما أملك، واستدنت مبالغ تجاوزت ثلاثة ملايين ريال. لجأت لبعض الأصدقاء والمقربين، ولا أستطيع ذكر أسمائهم حتى لا أنسى أحدًا”.
وأشار إلى أنه شعر بالخذلان من بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين استغلوا قضيته من أجل الشهرة دون تقديم أي دعم حقيقي، مؤكدًا أن من يعرفه يعلم أنه عمل لسنوات في مستشفى الثورة بالحديدة، ولم يطلب المساعدة من أحد قط.
واختتم منشوره بالقول: “أكتب هذه الكلمات من شدة القهر، ولم أكن أتصور أنني سأصل إلى هذه المرحلة. حين ترى من تحب يصارع الموت وأنت عاجز، تنكسر داخليًا. أنا الآن أعرض منزلي الكائن في شارع المعدل بمدينة الحديدة للبيع بأي سعر. سأسافر غدًا للحديدة على أمل أن أجد من يشتريه. لا أريد شيئًا سوى أن أتمكن من علاج زوجتي وأولادي. لا أحد يقل لي لا تبيع منزلك، فليس هناك ما هو أغلى منهم”.
قصة عبدالرحمن حمزة ليست استثناءً، بل صورة مصغّرة لمعاناة الآلاف من التهاميين الذين يعيشون تحت خط الألم، في بلد أرهقته الحرب، ومزقته الحاجة، وأخرسته الكرامة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news