مايو .. الذي وُلد ليحيا

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 48 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
مايو .. الذي وُلد ليحيا

مايو .. الذي وُلد ليحيا

قبل 3 دقيقة

في زحمة التاريخ العربي الموشوم بالحروب والانقسامات، لا تُولد اللحظات الكبرى من فراغ، بل تُنتزع من فم المستحيل حين تتلاقى الإرادة الشعبية مع الحلم الوطني في لحظة نادرة، تُعلن أن الزمن قد أنكسر ليبدأ من جديد.

في الثاني والعشرين من مايو عام 1990، لم تُكتب فقط صفحة جديدة في تاريخ اليمن، بل وُلد وطن جديد من رحم التشظي، وتوحدت جغرافيا الروح قبل تراب الأرض .

لم يكن ذلك اليوم مجرد خبر عابر في نشرات المساء، بل كان صرخة وعي، ونبض أمل، وذروة مسيرة نضال طويلة دفع فيها اليمنيون دماءهم ثمناً لوطنٍ موحّدٍ حرٍ كريم .

ومع ذلك، يُطرح السؤال الحارق اليوم : هل لا يزال هذا اليوم حيّاً في وجدان اليمنيين؟ أم أن رياح الحرب والانقسام قد بعثرت معانيه، وطمست ملامحه، حتى بات مجرد تاريخ رسمي بلا روح ؟

مايو لم يكن يوماً عادياً، بل لحظة نهوض، وعهد تأسيس.. وعلينا اليوم أن نُعيده إلى الحياة ونحافظ عليه، لأن اليمن لن تستقر، والمنطقة لن تهدأ، دون وحدة تفتح الباب لمستقبل مشترك يسع الجميع .

مايو 1990.. تتويجٌ لنضالٍ طويل أم بداية لتحدياتٍ أكبر ؟

قبل ذلك اليوم المفصلي، لم يكن اليمن مجرد وطنٍ منقسمٍ إلى شطرين، بل كان مسرحاً لتجربتين سياسيتين متناقضتين، وشعباً موحّداً في الحلم ممزقاً على أرض الواقع .

في الشمال، جمهورية خرجت من رماد ثورة 26 سبتمبر 1962، تكافح لبناء دولة وسط تعقيدات القبيلة والصراعات الإقليمية .

وفي الجنوب، جمهورية اشتراكية تشكّلت بعد طرد الاستعمار البريطاني في 1967، مثّلت حالة نادرة في العالم العربي من حيث التوجه والهوية السياسية وظلّت فكرة الوحدة اليمنية حاضرة في ضمير الشعب قبل أن تكتبها أي وثيقة .

محطات الحوار والتقارب لم تنقطع، حتى جاءت لحظة الإعلان التاريخي في 22 مايو 1990، فحين وقف الرئيس علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض ليعلنا قيام الجمهورية اليمنية .

لم يكن مجرد اتفاق سياسي، بل إعلان ميلاد وطن جديد في لحظة بدت للعالم وكأنها معجزة، في منطقة اعتادت الانقسام أكثر من الاندماج، والخصام أكثر من المصالحة .

لكن ما إن انجلى غبار الاحتفال، ومشاعر الفرح، حتى بدأت الأسئلة الكبرى تتكشّف  : هل كانت الوحدة ثمرة نضال ووعي وطني حقيقي ؟ أم تسوية عاجلة ولدت في ظروف مضطربة دون أرضية صلبة تستوعب التباينات ؟ وهل كان مايو تتويجاً فعلاً، أم بداية لعقدٍ مليء بالاختبارات الصعبة .

لم تكن الوحدة وليدة صدفة أو صفقة سياسية عابرة، بل جاءت نتيجة تراكمات نضالية وفكرية، وإيمان شعبي بأن اليمن وطنٌ واحد وإن فرّقته الأنظمة .

الوحدة فرصة ذهبية لصياغة عقد وطني جديد، يؤسس لدولة مدنية قوية، يتساوى فيها المواطنون وتُصان فيها الحقوق، فما زال في اليمنيين من يؤمن أن الوحدة ليست حدثاً مضى، بل مشروعاً بقي وسيبقى، وسيعمل رجال الوطن الشرفاء، على ترميمه وصيانته،  وتصحيحه بشراكة متكافئة، وعدالة شاملة، ومواطنة متساوية، ودولة تُدار بالعقل وبالضمير لا بالمصالح .

فالوحدة التي تُبنى بهذه القيم وحدها تملك القدرة على البقاء. وعلى جمع اليمنيين من جديد تحت راية وطنٍ يتسع للجميع .

في مشهد اليمن ،اليوم، حيث تتشابك أزمات الانقسام السياسي والمناطقي، تبدو ذكرى 22 مايو وكأنها توقفت عند مرحلة الاحتفال الرمزي، أكثر منها حقيقة عايشها الناس على الأرض .

وفي قلب التناقضات تكمن الحقيقة التي لا تقبل الجدل : 

الوحدة اليمنية المجيدة، إذا ما تأسست على قواعد العدالة، والمواطنة المتساوية، والشراكة الوطنية الحقيقية، تظل الخيار الاستراتيجي الوحيد والأكثر واقعية لمستقبل يمن قوي متماسك .

ليس مجرد حلم عابر أو شعار يُرفع في المناسبات، بل مشروع حياة يُعيد ترتيب الولاء والانتماء، ويُحيي الأمل في وطنٍ لا يضيع أحد فيه أو يُهمّش .

اليوم، علينا أن نتجاوز الاحتفالات الشكلية، ونتوجه نحو بناء الوحدة الحقيقية التي تعانق الواقع، فتُعيد للبلاد مجدها وتُضيء درب أجيالها القادمة .

يمكننا أن نحتفل بـ22 مايو، ليس فقط كذكرى لما كان، بل كبوصلة ترشدنا إلى ما يجب أن يكون .

فكل ما تعانيه اليمن ،اليوم، من حروب متواصلة، وتدخلات خارجية، وانقسامات عميقة، ما هو إلا انعكاس لانهيار المشروع الوطني الجامع، الذي لم يُرعَ كما ينبغي، والذي تلاشى بين فوضى المصالح وتغوّل المحاصصات .

هذه هي الوحدة التي تحتاجها اليمن ،اليوم. وحدة تقبل الاختلاف، وتكفل الحقوق، وتعيد للشعب ثقته بوطنه وبمستقبله، لتصبح بذلك مشروع حياة متجدد، لا مجرد ذكرى عابرة .

رسالة إلى اليمنيين : لا تستبدلوا الحلم بالخذلان

في عيد الوحدة، لا نحتاج فقط إلى استذكار الخطابات والاحتفالات القديمة، بل إلى مواجهة الذات .

فالوحدة ليست نصباً تذكارياً بل مسؤولية سياسية وأخلاقية تبدأ من قبول الآخر، والاعتراف بالتعدد، والبحث عن حلول عادلة لكل المظالم .

إن وحدة 1990 كانت فرصة، ووحدة المستقبل يجب أن تكون ضرورة وحقيقة دامغة .

خلاصة.. لا وحدة دون مواطنة.. ولا سلام دون عدالة.

فليكن شعارنا :

لا وحدة بدون عدالة، ولا سلام بلا حق، لأن اليمن يستحق أكثر من مجرد ذكرى ؛ إنه يستحق غداً يُشرق فيه أمل السلام والمواطنة الحقة .

يظل 22 مايو، محفوراً في ضمير اليمنيين كذكرى نقية، لحلم وطني لا يموت، بل ينتظر من يُحييه .حلمٌ لا يُبعث بالشعارات، بل بصحوة الضمير، وبشجاعة الاعتراف، وبجرأة التغيير .


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مصادر ملاحية: طائرة يمنية تنجو من محاولة اختطاف حوثية خلال رحلتها من عمّان إلى عدن

حشد نت | 991 قراءة 

اول تحرك لصنعاء عقب اعلان الانفصال من عدن

كريتر سكاي | 516 قراءة 

مقتل قيادي حوثي برصاص مسلحين قبليين في الجوف وسط توترات متصاعدة

حشد نت | 496 قراءة 

صحيفة أمريكية: ترامب اتخذ "الخيار الأسوأ" بشأن الحوثيين

المنتصف نت | 469 قراءة 

الرئيس اليمني: روسيا ترفض تزويدنا بالدفاعات الجوية لهذا السبب

المرصد برس | 436 قراءة 

عاجل : عضو بمجلس النواب: محاولة اختطاف طائرة اليمنية من قبل الحو ثيين

كريتر سكاي | 426 قراءة 

بريطانيا تتحدث عن خطأ كبير .. ويدعو إلى إلغاء اتفاق ستوكهولم

نيوز لاين | 371 قراءة 

ضحاياها 250 شخصاً.. تفاصيل مأساوية جديدة لمجزرة الحوثي في منطقة صرف بصنعاء

المنارة نت | 361 قراءة 

فتح الطريق الرئيسي عدن الضالع صنعاء للسيارات ومريس تمنع مرور هذه السلعة!!

يمن فويس | 355 قراءة 

دول خالفت السعودية في تحديد يوم عرفة وعيد الأضحى.. من هي؟

بوابتي | 280 قراءة